لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري
43068 مشاهدة
باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم

باب: قول النبي -صلى الله عليه وسلم- الدين النصيحة لله ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم وقوله تعالى: إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ .
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن إسماعيل قال: حدثنا قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله قال: بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم .
حدثنا أبو النعمان قال: حدثنا أبو عوانة عن زياد بن علاقة قال: سمعت جرير بن عبد الله يقول يوم مات المغيرة بن شعبة قام فحمد الله وأثنى عليه، وقال: عليكم باتقاء الله وحده لا شريك له، والوقار والسكينة حتى يأتيكم أمير، فإنما يأتيكم الآن، ثم قال: استعفوا لأميركم فإنه كان يحب العفو. ثم قال: أما بعد فإني أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله أبايعك على الإسلام. فشرط علي: والنصح لكل مسلم. فبايعته على هذا، ورب هذا المسجد إني لناصح لكم، ثم استغفر ونزل .


الدين النصيحة يعني: النصيحة هي إخلاص المودة، يقولون: نصح العسل. يعني: صفاه وخلصه من الشوائب، والمخلص هو الصافي، والناصح هو المخلص.
النصيحة لله تعالى هي الإيمان به وعبادته، والنصيحة للنبي -صلى الله عليه وسلم- هي تصديقه واتباعه، والنصيحة لأئمة المسلمين يعني: ملوك الإسلام هي طاعتهم في غير معصية وذكر محاسنهم والاعتذار عن مساوئهم، والنصيحة لعامة المسلمين إرشادهم وتوجيههم وتعليمهم.
... تميم الداري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: الدين النصيحة. قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم وجاء البخاري بحديث جرير جرير بن عبد الله البجلي كان من أجلاء الصحابة، ذكر أنه أسلم متأخرا، يقول: بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم النصيحة لكل المسلمين، لقنه ذلك حتى يكون مخلصا لكل مسلم، فالنصيحة من الإيمان.
وفي هذه القصة الرواية الثانية كان المغيرة بن شعبة أميرا على الكوفة في العراق فلما مات لا بد أنهم يحتاجون إلى أمير بدله، كان جرير عندهم وكان من الصحابة وكان من أسنهم وأفضلهم، فعند ذلك قام وصعد المنبر وخطبهم حمد الله تعالى وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: عليكم باتقاء الله وحده لا شريك له. أي: اتقوا الله تعالى واعبدوه وحده لا شريك له، وعليكم بالوقار الذي هو التواضع والتؤدة والتأني، وعليكم بالسكينة التي هي عدم التشويش وعدم الحركة وعدم الكلام الذي فيه ضرر، اسكنوا واحترموا إخوانكم حتى يأتيكم أمير بعد أميركم، حتى يُرسَل إليكم أمير، وكان الملك في ذلك الوقت هو معاوية الذي هو أمير المؤمنين.
يقول: فإنما يأتيكم الآن. يعني: إذا علم بأن أميركم مات فلا بد أنه يرسل إليكم أمير يتولى أموركم، فاسمعوا له وأطيعوا ولا تختلفوا، واصبروا واسكنوا حتى يأتيكم، ثم قال: استعفوا لأميركم الذي مات استعفوا له. يعني: اطلبوا له العفو من الله تعالى قولوا: اللهم اعف عنه فإنه كان يحب العفو، يعني: كأنه كان حليما يعفو عمن أساء إليه.
ثم ذكر جرير يقول: أما بعد: فإني أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله أبايعك على الإسلام لما كان -عليه الصلاة والسلام- كلما جاءه من يبايعه شرط عليه شروطا كذا وكذا، يقول: فقال: شرط علي النصح لكل مسلم فالتزم جرير بالنصح لكل مسلم.
يقول: بايعته على ذلك، ثم حلف بقوله: ورب هذا المسجد إني لناصح لكم، ثم استغفر ونزل، فدل على أن النصيحة داخلة في مسمى الإيمان.
نكتفي بهذا والله أعلم وصلى الله على محمد .